
طرق وأفكار عملية للتخلص من الرهاب الاجتماعي
ما هو الرهاب الاجتماعي؟ وما أعراضه وعلاماته؟ وكيف تتخلص منه بطرق وأساليب سهلة وبسيطة؟ وماهي المضاعفات الخطيرة الناجمة عن إهمال علاجه؟
التشافي بالغذاء – المحتوى القائم على الأدلة
الرهاب الاجتماعي Social phobia، هو نوع من اضطرابات القلق، يعاني فيه الأشخاص من الخوف والقلق الشديد والمستمر، المرتبط بالمواقف الاجتماعية المختلفة، أو المتعلقة بالأداء.
قلق ومخاوف مستمرة
يعاني الشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي، من القلق الدائم حيال المواقف، التي من المحتمل أن يتم فحصها ومراقبتها من قبل الآخرين، حيث يكون لديه مخاوف مستمرة، من أن يتم الحكم عليه، أو انتقاده، أو السخرية منه، بشكل محرج أو مهين.
كذلك يشعر معظم المصابون بالرهاب الاجتماعي، بالخجل أو التوتر، في مواقف اجتماعية معينة، مثل التحدث أمام الآخرين، أو دخول غرفة مليئة بالغرباء، أو إلقاء التحية عليهم، أو السؤال عن شيء ما.. الخ.
مع ذلك، فإن هذا النوع من التخوفات الشائعة، قد لا يشير إلى رهاب اجتماعي، إذا كان محدوداً في مواقف حياتية معينة ونادرة، ولا يتم بشكل متكرر .
أين تكمن المشكلة؟
تكمن المشكلة، بالنسبة للأشخاص، الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي، في ديمومة واستمرار ذاك القلق وتلك المخاوف بشكل مزمن، بل أكثر من ذلك، قد تثير المواقف الاجتماعية لديهم، مشاعر تتجاوز مجرد القلق أو العصبية.
إليك مثال عملي على الرهاب الاجتماعي؟
مثلاً.. لمجرد أنكِ تلقيت بعض النقد، حول لون الفستان أوالحذاء، الذي كنتِ ترتدينه، في حفلة زفاف إحدى صديقاتك، فقد ظلَّ هذا الموقف عالقاً في ذهنكِ، ويشغل تفكيركِ، ويثير مخاوفك، لأيام وأسابيع، بل لربما لشهور، وقد ترفضين بعد ذلك الذهاب إلى أي حفلة قادمة.
هذا السلوك، يشير إلى أنكِ مصابة بالرهاب الاجتماعي، وهو سلوك غير طبيعي، وهذا مثال فقط، حيث أن الأمثلة كثيرة.
ماهو السلوك الطبيعي إذاً؟
السلوك الطبيعي في مثل هذا الموقف هو، أنكِ لن تعيريه أي اهتمام يُذكر، ولن يشغل بالكِ على الإطلاق، ولا حتى لدقائق معدودة، فأنت فتاة واثقة من نفسك، ومعتزة بلباسك، وتدركين جيداً ما هو لون الفستان أو الحذاء الذي يناسبك، ولستِ بحاجة إلى تقييم من أحد.
بل أكثر من ذلك.. لماذا لايكون العكس هو الصحيح؟
لماذا لاتكون ألوان فساتينهن، أو أحذيتهن، هي غير اللائقة، وغير المناسبة؟
هذا هو الأسلوب الطبيعي، الذي يفكر فيه الشخص السليم، الذي لا يعاني من الرهاب الاجتماعي، والذي يجب أن تفكري فيه أنتِ أيضاَ.
وكما قلنا هذا مجرد مثال، حيث الأمثلة كثيرة.
التحدي والإصرار
إذا كنتِ غير قادرة على التفكير بهذه الطريقة، ومواجهة مثل هذه المواقف، فيجب أن تتدربي على ذلك، ونحن هنا لمساعدتك، فقد أعددنا هذا البحث خصيصاً لأجلك.
نحن على ثقة تامة، بأنك ستتغلبين على هذه المخاوف وهذا القلق بنهاية المطاف، وذلك بتحديها والاستمرار في مواجهتها، والإصرار في التغلب عليها وهزيمتها.
أعراض الرهاب الاجتماعي
تتضمن الأعراض والمعايير، المدرجة في الدليل التشخيصي، للاضطرابات العقلية (DSM-5)، والقلق الاجتماعي مايلي: (1)
- الخوف المستمر والشديد، أو القلق بشأن مواقف اجتماعية معينة، لاعتقادك أنه قد يتم فيها الحكم عليك، بشكل سلبي أو محرج أو مهين.
- تجنُب المواقف الاجتماعية المسببة للقلق، أو تحملها بخوف أو قلق شديد.
- قلق مفرط لا يتناسب مع المواقف.
- القلق أو الضيق، الذي يتعارض مع أسلوب حياتك اليومية.
- الخوف أو القلق، الذي لا يمكن تفسيره بشكل أفضل، من خلال التشخيص الطبي.
تشمل بعض الأعراض الأخرى، عند التعرض لموقف معين مثل:
- إحمرار الوجه خجلاً.
- الارتباك والتلعثم (وكأنه ليس لديك ما تقوله)
- تسارع معدل ضربات القلب
- سرعة التنفس.
- تبلل ورطوبة في راحة اليد.
- توتر في العضلات.
- ريق ناشف وحلق جاف.
- رغبة عارمة في الهروب من الموقف، بدلاً من مواجهته.
- آلام في المعدة.
- الشعور بالغثيان
- الشعور بالإغماء أو الدوخة
كما تشمل الأعراض بعض المخاوف، التي قد تثيرها المواقف الاجتماعية، للشخص المصاب.
من تلك المخاوف على سبيل المثال:
- القلق من أن يلاحظ الآخرون، الأعراض الجسدية، التي تدل على قلقك، مثل احمرار وجهك، والتعرق، والتلعثم.
- الخوف من أن تبدو غبياً، أو سخيفاً.
- الخوف من الظهور بمظهر قد تبدو فيه هادئاً ومملاً، وأنك شخص غير مهم للآخرين.
- الخوف من أن يتم الحكم عليك، بأنك شخص انطوائي، وغير مناسب لبناء علاقات اجتماعية.

سيطرة مشاعر الفشل
في بعض الحالات، يمكن أن يمتد الرهاب الاجتماعي إلى ما بعد الحدث الاجتماعي.
على سبيل المثال، يمكن للشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي، أن يشعر بالقلق الشديد، عندما يكون هناك حدث اجتماعي قادم، ثم بعد انتهاء الحدث، تجده يميل بشدة، إلى إعادة تشغيل المحادثات التي أجراها من أجل تقييم أدائه.
هذا السلوك يبدو صحياً وطبيعياً، ولا غبار عليه في حقيقة الأمر، لكنه يصبح مرضاً، عندما يكون سلوكاً دائماً ومستمراً، وتسيطر عليه مشاعر الشعور بالفشل الاجتماعي.
وهو ما يجعل الشخص المصاب يشعر بسوء أكثر، ويعزز من رغبته في تجنب التعرض لمواقف اجتماعية في المستقبل.
ماهي مضاعفات إهمال العلاج؟
إذا تم إهماله وتركه دون علاج، فإن الرهاب الاجتماعي، يمكن أن يؤثر بشدة على نوعية حياتك.
حيث قد تشمل بعض المضاعفات الشائعة والخطيرة ما يلي:
- إدمان المنبهات وتعاطي الكحول، للخروج من حالة القلق والعزلة الاجتماعية.
- إساءة استخدام الأدوية الموصوفة وغير الموصوفة.
- صعوبة تكوين العلاقات والحفاظ عليها.
- تقليص فرص التعليم أو العمل.
- الاكتئاب، وعدم الإحساس بطعم للحياة.
- سيطرة معالم الحزن والكآبة، واختفاء معالم الفرح والبهجة.
- العزلة عن الأسرة والأقران والمجتمع
- عدم الرغبة في مغادرة المنزل
- أفكار بالانتحار
- في بعض الحالات النادرة، قد تفضي إلى الجنون.
كيف تتخلص من الرهاب الاجتماعي؟
طرق وأساليب فعالة للعلاج
على الرغم من أن اضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي) قد يتطلب المساعدة، من خبير طبي، أو معالج نفسي مؤهل، خصوصاً في الحالات المتقدمة، التي لم تعد تجدي معها الأساليب البسيطة.
إلا أنه مع ذلك، يمكنك التخلص من الرهاب الاجتماعي، أو الحد منه على الأقل، من خلال اتخاذ خطوات واجراءات صغيرة وسهلة، للتعامل مع المواقف، التي يحتمل أن تؤدي إلى ظهور الأعراض.
إليك بعض تلك الخطوات والطرق الفعالة:
- تعلم مهارات الحد من التوتر.
- مارس الرياضة البدنية، أو كن نشيطاً بدنياً بشكل منتظم.
- احصل على قسط كافي من النوم يومياً.
- تناول نظام غذائي صحي ومتوازن.
- تجنب تناول الكحول.
- تجنب تناول الكافيين وأي منبهات أخرى.
- شارك في المواقف الاجتماعية، من خلال التواصل مع الأشخاص الذين تشعر بالراحة معهم.
تدرب بخطوات صغيرة
ابدأ بترتيب مخاوفك، وقم بتحديد المواقف التي تسبب لك القلق من الأعلى إلى الأدنى، ثم ابدأ بمواجهة تلك المواقف بالتدريج، بدءاً بالأدنى (المواقف الخفيفة)، ثم الصعبة، فالأكثر صعوبة، وهكذا..
بعد ذلك قم بتحديد هدف واحد يومياً للتدرب عليه، أو ثلاثة أهداف خلال الأسبوع، وكلما تدربت أكثر، قل شعورك بالقلق أكثر.
على سبيل المثال، يمكنك البدء بممارسة هذه المواقف:
- تناول الطعام مع أحد أقرباءك، أو أصدقاءك، أو معارفك، في مكان عام.
- تعمد الاتصال بالعين، بمعنى انظر إلى عين الشخص الذي تخاطبه.
- رد التحية بشكل بشوش ومبتسم، عندما يحييك أحدهم، وأظهر اهتمامك به.
- كن أول من يلقي التحية على الآخرين، ويبتسم في وجوههم.
- امتدح شخصاً ما يستحق المدح، لعمل أنجزه، أو لتفوقه في الصف المدرسي.
- اطلب من بائع التجزئة، او عامل المتجر، أن يساعدك في العثور على شيء ما لم تجده.
- اسأل شخص غريب في الشارع عن الاتجاهات، أو عن مكان التسوق الذي تريد الذهاب إليه.
- أظهر اهتماماً بالآخرين، اسألهم عن أحوالهم، وعن منازلهم، أو أطفالهم، أو هواياتهم.
- شارك في جمع التبرعات لأعمال خيرية.
- انظم إلى إحدى منظمات العمل الطوعي، وشارك في أعمال الإغاثة الإنسانية.
- اتصل بزميلك في الجامعة، واطلب منه معلومات حول المحاضرة التي فاتتك.
- كل هذه مجرد أمثلة ليس إلاّ، للمشاركة الاجتماعية، والخروج من العزلة.
كن مستعداً للمواقف الاجتماعية القادمة
أن تكون اجتماعياً، بعد قضاءك سنوات طويلة في عزلة عن الآخرين، فهذا أمر سيكون فيه صعوبة لك في البداية، لكن بقدر ما قد يبدو الأمر صعباً ومؤلماً، إلا أنه ومع الاستمرار المتدرج في المواقف، ستبدأ تلك الصعوبات في التلاشي تدريجياً.
ستجد نفسك تتحسن كل يوم، وكل شهر، وستبدأ بملاحظة أنك قد بدأت التأقلم مع وضعك الجديد، وقد اصبحت أنساناً مختلفاً تماماً.
يمكن أن تساعدك هذه الاستراتيجيات، على البدء في مواجهة المواقف التي تجعلك متوتراً:
- استعد لبدء محادثة مع أحد الزملاء أو الأصدقاء حول أي شيء يشكل لكلاكما اهتماماً، على سبيل المثال، يمكنك التحدث حول آخر المستجدات لأي قصص شيقة ومثيرة، كمباريات كرة القدم، أو قصة لنزهتك الأخيرة على الشاطئ، أو … أو … الخ.
- ركز على الصفات الشخصية، التي تحبها في نفسك.
- مارس تمارين الاسترخاء.
- تعلم تقنيات إدارة الإجهاد.
- ضع لنفسك أهدافاً اجتماعية واقعية.
- ركز على عدد المرات التي تحدث فيها المواقف المحرجة، التي كنت تخشى حدوثها، قد تلاحظ أن السيناريوهات التي كنت تتصورها، وتخاف من حدوثها، قد مرت بسلام، وليس كما كنت تتصور.
- عندما تحدث لك مواقف محرجة، ذكّر نفسك بأن مشاعرك ستزول، ويمكنك التعامل معها حتى يحدث ذلك، فمعظم الناس من حولك، إما لا يلاحظون، أو لا يهتمون بقدر ما تعتقد، أو أنهم أكثر تسامحاً مما تتصور.
أمثلة عملية اخرى
إذا كنت تحصل على دعوات لحضور مناسبات معينة، وأنت لا تحب ذلك، أو أنك تحب الحضور، ولكنك قلق بشأن حضور تلك المناسبة.
بدلاً من رفض كل الدعوات لجميع المناسبات الاجتماعية، كن مستعداً لها مسبقاً، حيث أن لعب الأدوار المسبقة، وممارسة بدايات المحادثة، وأنت لا تزال لوحدك، تعد طريقة رائعة لبناء الثقة مع نفسك.
مثلاً.. إذا كنت على علم بقائمة المدعوين، ففكر في اهتمامات الحاضرين، فلربما ذهب شخص ما منهم مؤخراً في إجازة، أو بدأ وظيفة جديدة، وقم بإعداد بعض الأسئلة، لكسر الجمود وتمهيد الطريق لمحادثة.
لكن مع ذلك، تجنب الأسئلة ذات الإجابة بـ نعم أو لاء، فالفكرة هنا هي التحدث وكسر الجمود، لذلك بدلاً من طرح السؤال “هل استمتعت برحلتك إلى الشاطئ؟” يكون السؤال هو “ما الذي أعجبك في رحلتك إلى الشاطئ؟”
في معظم الحالات، ينفتح الشخص الآخر معك ويبدأ في الحديث إليك، وكلما تحدثت أكثر، قل شعورك بالقلق أكثر،.. وهكذا.
إذا أعجبتك هذه المقالة واستفدت منها، لا تنس مشاركتها لأصدقاءك، لتعم الجميع الفائدة.
لا تنس أيضاً الاشتراك بنشرة التشافي الاسبوعية لمواكبة كل الوصفات والنصائح الجديدة.
لمعرفة كل جديد حول الصحة والعافية تابعنا على